"التربية الوطنية والتنشئة المدنية" مادة استحدثت في مناهج التعليم العام الصادرة في العام 1997 وشملت كل السنوات المنهجية والمراحل التعليمية من السنة المنهجية الأولى في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي حتى نهاية المرحل الثانوية وقد فرضت هذه المادة في محتوى المناهج التعليمية في القطاعين العام والخاص؛ وهي لا تهدف إلى إكساب المتعلم المضمون المعرفي والموعظة الأخلاقية فحسب، بل المواقف والمهارات والقدرات والقناعات الوطنية والمدنية والاجتماعية والأخلاقية أي كل ما يرفد سلوكه اليومي بالصوابية والانتظام، ويتعلق مضمون المادة بجميع مظاهر الحياة اليومية الشاملة حياة المتعلم ووجوده في شخصه وعلاقاته، وفي عائلته ومدرسته ومجتمع ووطنه والعالم. أما طريقة عرف المدة لن تكون شرحاً من المعلم واستماعاً وقراءة من المتعلم بل تحقيق القناعة لدى المتعلم وإنماء شخصيته... القناعة، المضمون الوطني والسلوك المدني.
فحرصاً على الهدف المتمثل بالمهارات والسلوكات، وحرصاً على المضمون المتمثل بهذا التدرج الطبيعي الواقعي من الفرد المتعلم... إلى العالم، وحرصاً أيضاً على الطريقة المتمثلة بتحقيق القناعات لدى المتعلم من خلال الفعل والعمل وبالعمل فقط من خلال الاختبار والتطبيق التجريبي تعتبر التنشئة المسار الطبيعي للتربية والشريان الذي تتغذى منه التربية والنافذة التي تطل على التربية، وهي الوسيلة لتحقيق التربية وهذه بالتالي هي الوسيلة لتحقيق التنمية الشاملة والمتزنة للشخصية البشرية التي تعتبر أسمى غاياتها.
فالتنشئة إذن هي المحصلة العملية الناتجة عن مختلف عمليات النماء الشامل والتكوين الشامل لهذه الشخصية. وهي بمثابة الأهداف المباشرة القريبة التحقيق والتربية هي الأهداف غير المباشرة، وبعيدة التحقيق وعليه فقد ارتأت الباحثة الاكتفاء بتسمية المادة "التنشئة المدنية" دون التمسك بمصطلح "التربية الوطنية" خاصة وأن دراستها في هذا الكتاب تتمركز حول السنوات الثلاث من الحلقة الأولى أي مرحلة الطفولة الممتدة ما بين السبع والتسع سنوات (7-9) التي هي أحوج ما تكون إلى التنشئة رأسمال التربية الوطنية ورصيدها الأفعل فيما هو مطلوب من انتماء وانصهار وطنيين.
أما لماذا اختيار الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، عن هذا تقول الباحثة بأنه لكون المادة جديدة ثم اختيارها لتلك الحلقة بغية الوقوف على مدى تفاعل المتعلم ومشاركته في تحقيق دوره الجديد "محور العملية التربوية" ومدى إفساح المجال أمامه من قبل كل عناصر المنهج لتأمين هذا الدول الجديد والوظيفة الجدية للمتعلم المتجدد. وهي لم تكتف بدراسة الكتاب المدرسي الوطني في سنة واحدة بل هي اختارت السنوات الثلاث متتالية كي تأتي الدراسة وافية ومعبرة وغير مجتزأة.