وكأن قدر المؤلف "جورج بكاسيني" أن يعد كتابين عن أهم إنجازين لرفيق الحريري: الطائف والاستقلال. الأول صدر العام 1993 تحت عنوان "أسرار الطائف"، والثاني الذي أضعه بين أيديكم اليوم بعنوان "الطريق إلى الاستقلال".
قد يرى اللبنانيون أن ثمة فارقاً بين هذين الإنجازين، وهو أن الأول -أي الطائف- تم في حياة الحريري، أما الثاني -أي الاستقلال- فلم يتحقق إلا باستشهاده. فهم يدركون تماماً كيف أنجز الاستقلال بعد الاغتيال، لكنهم قد لا يعرفون كيف سعى رفيق الحريري إليه قبل هذه الجريمة، لا بل منذ أن بدأ يتعاطى الشأن السياسي.
هذا الكتاب، يتوقف عند أهم المحطات التي سعى الحريري من خلالها إلى بلوغ هذا الاستقلال، بداية عبر الإقناع، وفي نهاية المطاف عبر الإنتخابات.
لذلك حدد النطاق الزمني لهذا الكتاب منذ العام 2000 حتى 14 شباط (فبراير) 2005، موعد الجريمة، لأن بداية القرن الحادي والعشرين لم تكن فاتحة لقرن جديد فحسب، وإنما كانت بالنسبة إلى لبنان خاتمة للاحتلال الإسرائيلي ومقدمة لانسحاب الجيش السوري من لبنان في آن واحد، كانت باختصار فاصلاً بين استقلالين.
أما الذي دفعه إلى حصر الفترة الزمنية في الكتاب بخمس سنوات فقط، فهو بداية اقترابه اليومي من الرئيس الحريري منذ العام 2000، على الرغم من أنه كان قد تعرف إليه منذ العام 1989 حين التقاه للمرة الأولى في يخته في نيس، برفقة زملاء صحافيين وفي حضور السفير السابق جوني عبده.
على أن السبب الأهم هو عدم قدرته، وعدم قدرة أي شخص آخر، حسب اعتقاده، على الإحاطة برفيق الحريري كله، أي منذ بداية حياته السياسية حتى استشهاده، أو بكل القضايا والملفات التي تعاطى فيها. لذلك وجد نفسه مضطراً إلى حصر الإطار الزمني بفترة معينة وقصيرة (قياساً إلى الحريري) وبالتالي معالجة موضوع أو عنوان واحد من عناوين الرجل الكثيرة، ألا وهو الاستقلال.
أما المصادر التي اعتمدها في هذا الكتاب فهي ذاكرته أولاً، التي بقيت زاخرة بصور ومعلومات تكونت من خلال السهرات الطويلة التي كان يمضيها يومياً في الطابق السابع من قصر قريطم، مع الرئيس، برفقة هاني حمود.
إضافة إلى الذاكرة أجري سلسلة من المقابلات مع مجموعة من الشخصيات التي كانت مقربة إلى الحريري، والتي سلطت الأضواء على جوانب كثيرة في السنوات الخمس الأخيرة من حياته.