يُقدم الكاتبان "عبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام" رؤيتهما النقدية لكتاب "السُّنَّة والإصلاح" للدكتور عبد الله العروي الصادر عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء (الطبعة الأولى سنة 2008) حيث طرح العروي في كتابه تصوره الشخصي، الفردي، حول صورة الإسلام وكيف قدم نفسه وكيف نظر إلى الديانات الأخرى، فمن المعروف أن العروي يعتمد المنهج التاريخاني الذي "يعني اكتشاف الواقع المجتمعي الذي لا يُدرَكُ حقاً إلا في منظور التاريخ، فما يحرك المجتمع ليس الحق بقدر ما هو المنفعة".
فماذا كان موقف الكاتبان "عبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام" وعلى ماذا استندت مناقشتهم النقدية لكتاب عبد الله العروي؟
يقول الباحثان: يستدعي كتاب "السنَّة والإصلاح" للدكتور عبد الله العروي نقداً عميقاً، للافتراءات والشبه التي تضمنها، والتي حاول، من خلالها، تقديم السنَّة المحمدية في صورة مخالفة لصورتها الحقيقية، قصْدَ التشكيك فيها، وتوهين مكانتها في العقول والنفوس. وقد توخينا في هذا النقد، أن نزن أقوال المؤلف بميزان العقل والنقل معاً، وأن نعرض الموضوعات التي تناولها على المصدرين الرئيسيين للإسلام: الكتاب والسنَّة. كما رجعنا إلى التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية مقتبسين في صفحاتيْهما دلائل واقعية خالدة تفنّد ما ذهب إليه. والموضوعات الرئيسية التي اشتمل عليها كتاب عبد الله العروي (...) تتمحور حول السنَّة وأهلها، وكيفية تعامُل العلماء معها، وفهمهم وتقديمهم لها، وجمعها وتدوينها ودراستها".
يحتوي هذا الكتاب النقدي الهام لفكر "عبد الله العروي" على سبعة أبواب كل باب يتضمن عدة فصول جاءت كدراسة نقدية مستفيضة لكتاب "السنَّة والإصلاح" حيث اعتبر المؤلفان أن عبد الله العروي لم ينجح في مشروعه التاريخاني وهو يمارس علم التاريخ، ولم يفلح في قطع الملثمين عن تراثهم وفصلهم عن أصولهم، فتحول إلى مهاجمة السنَّة النبوية وأهلها، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على حقيقة واحدة وهي أن الدعاوى الإيديولوجية التي يرفعها أمثاله لمواجهة الصحوة الإسلامية ومحاولة تقريب فكر وواقع الأمة، دعاوى داحضة تقوم على مشاريع مُصدَّرةٍ فاشلة.
كتاب هام، مجادلة فكرية حول قضايا مصيرية شغلت أذهان المسلمين منذ قدم التاريخ وظهور الديانات السماوية فدائماً نجد هذه الجدلية بين "العقل والدين" وبين الدين والسياسة" عند المفكرين بمختلف اتجاهاتهم وميولهم وانتماءاتهم كلٌّ يحاول إثبات وجهة نظره، أما الشيء المفيد بالنسبة لقارئ هذا الكتاب هو أنه يغني عقله وروحه بأهم مفكرين حاولوا طرح رؤيتهم في مفهوم السنَّة والإصلاح من وجهة نظر نقدية –موضوعية– مدعمة بالبراهين، وعلى القارئ أن يحكم في نهاية الأمر.