لا يتحدث هذا الكتاب عن قضايا سياسية بل إنسانية تمس كل إنسان منا، فهو بداخل البيوت والشباب، وبداخل مصانعنا وشركاتنا وجامعاتنا والبحث العلمي، كيف نعمل سوياً، فكرة فريق العمل والعمل الجماعي فكرة منعدمة، نحن لا نعرف كيف نعمل سوياً، ففي بلد مثل نيوزيلندا تجد شركة يديرها الجيل السابع من الأبناء تخيل! وهذا يعني أن الجد السابع قد أسس الشركة التي أخذت تنمو وتتناقل للجيل السابع، أما نحن فالأب يموت وقد أقام شركة في يوم ما فيختلف الإخوة ويقسموا الشركة إلى ستين مصنعاً وتتفتت الشركة، أما الشركات في أوروبا فتندمج مع الشركات الكبرى لمزيد من القوة، ونحن نتفتت، فليست لدينا هذه الثقافة.
يكشف الكتاب أن فكرة الحوار والتعايش غير موجودة حتى في المدرسة، ولا توجد مادة في المدارس تسمى مادة التعايش أو فن الحوار والاتصال، ولا في الجامعة، كيف نتعامل مع الآخرين ونكسبهم، كيف نوجد مساحة مشتركة بيننا وبين الآخرين، كيف نتعامل مع بعضنا، وكيف نتعايش.
الكتاب يحدث ويقول لإخواننا بالعراق وفلسطين إن ما تفعلونه عيب وكفى دماء، ويقول للأزواج والزوجات تحدثوا سوياً وسنساعدكم في هذا الكتاب. ويقول كيف نتعلم فن الحوار مع بعضنا كأزواج، ويقول للشباب كيف تتحدث مع أبيك وأمك، ويقول للأهالي كيف تستمعون لأولادكم. الكتاب يعلم الناس في الشركات والمصانع، كيف نصبح متعايشين مع بعضنا البعض، كيف أوجد معك مساحة مشتركة، كيف نعمل سوياً، وسنضرب الأمثلة على ذلك، وسأعطيك فكرة عن الكتاب ولماذا نقدمه، فالكتاب ليس موجهاً فقط لمن لديهم خلافات ومشكلات، ولكن يحدث عموم شبابنا، فأي شاب يريد أن ينجح في الحياة هناك مهارة أساسية لا بد من تعلمها تسمى فن التعامل مع الناس ومع الآخر، وكيف إذا كان لدى دائرتي وفكري، ولديك دائرتك وفكرك، وإذا ظللنا على بعد ستبقى الدئرتان بعيدتين، ولكي أنجح لا بد من أن أبحث عن مساحة مشتركة في المنتصف بيني وبينك وستبقى في دائرتي جزئية أنت غير موافق عليها، وستظل جزئية في دائرتك أنا غير موافق عيها، لكن ستبقى أيضاً منطقة في المنتصف نظل نتوسع فيها، ونكسب فيها نحن الاثنان.
هناك كلمة جميلة سنتعلمها في الكتاب، أحد العلماء الذين سنذكرهم بعد قليل يقول: "الآن استطعت أن أرى بوضوح لأني صعدت على أكتاف الجميع يوم استمعت لآراء الجميع"، فالكتاب سيعلمك أداة من أدوات النجاح في الحياة، هي كيف نتعايش مع بعضها البعض، فالمشكلة أنه هناك دماء وهناك خسائر وبلاد تضيع وأمهات تفقد أولادها، وأزواج وزوجات يطلقون ومحاكم، هناك شباب ضائع وهناك شباب يريد النجاح ولا يملك أدوات النجاح، فأتينا نقول دعوة للتعايش.