هل ترغب بزيارة متجر السعودية؟
الجدتان
كان الطفلان يحدثان الكثير من الضوضاء. وكان طفل صغير يضرب الهواء أو يركله، وهو يصبح: "لقد نسي. قلت لها أنه سينسى"، فيما حولت الفتاة أن تسليه وتهدئ من روعه. كان طفلاً ضخماً، أما هي فنحيفة، ذات شعر مجدول بضفيرتين مدببتين، بارزتين، وشرائط وردية، مبللة ومرتخية. كانت أكبر منه سناً، ولكن ليست أضخم جسداً. لكن لأنها أكبر منه بعامين، زجرته قائلة: "الآن، كفّ عن هذا يا توماس. كفى زعيقاً سيأتون". إلا أنه لم يهدأ، وقال: "دعيني أذهب، دعيني أذهب - لن أذهب. لقد نسيني". وصل عدد من الناس في الوقت عينه أمام البوابة، وكان صبياً طويل القامة، أشقر الشعر، في نحو الثانية عشر من عمره، ووقف يحدق في الظلمة ، فلمح عن بعد بغيته، شقيقه توماس، في حين مدّ آخرون أيديهم، وتقدموا إلى الأمام. كان مشهداً صغيراً قوامه الفوضى والإرتباك. أمسك الصبي الطويل القامة، إدوارد، بيد شقيقه توماس، ومكث واقفاً في مكانه، في حين زاد الطفل الصغير من تذمره، ومن تخبطه: "لقد نسيتني. نعم لقد فعلتها". ثم إنهمك في مراقبة بقية الأطفال وهم يتوارون في الأنظار في الشارع، فاستدار واختفى هو الآخر، عن الأنظار مع توماس. كان الجو بارداً، وكانت ثياب فكتوريا لا تقيها البرد، إذ كانت ترتعش، ولم يعد معها ذلك الطفل العنيد كي يبقيها في حالة من النشاط، مكثت واقفة في مكانها، تلف جسدها بذراعيها، "وتبكي بصمت". تحكي دوريس في هذه القصة فكتوريا وآل ستيفاني، قصة فكتوريا البطلة المحورية، عن أوهام تلك الفتاة السوداء فقيرة الحال والتي تحلم بيت رحب واسع الأرجاء مثل بيت آل ستافيني، لكن آل ستافيني أنفسهم يرسلون الأبناء للدراسة في إحدى المدارس الفقيرة البائسة بسبب إلتزام سياسي وإجتماعي يشدد على كراهية البرجوازية وأنماط التعليم في المدارس الإرستقراطية، وإذا كانت العقدة الأوديبية تتضح معالمها رويداً رويداً في قصة الجدتان التي تضمها هذه المجموعة أيضاً، فإن ملامح الفكر الليبرالي تصبح موضع نقد عند درويس لسنغ التي تعتقد بأن هذا الفكر يفتقر إلى الكثير من المعايير الأخلاقية والخلقية وبخاصة عندما تتعرض الفتاة فكتوريا إلى إغواء توماس، سليل آل ستيافيني، فتنجب منه ابنة لا تتنكر لها أسرة توماس بل على العكس من ذلك تنتزعان أمها الشابة فكتوريا كي تربيها على هواها؛ فينتاب فكتوريا قلق عظيم من أن تفقد ابنتها؛ بل هي قد فقدتها بعد أن رضحت لطالب آل ستيافيني في أن تنشأ الطفلة الصغيرة في أحضان الأسرة الليبرالية بعيداً عن أمها نتعلم من تلك الأسرة وتتخلق بأخلاقها.
صدر للمؤلف أيضا عن الدار:
الزبائن الذين اشتروا هذا الكتاب، اشتروا أيضاً: